ابوالحارث
عدد الرسائل : 12 العمل/الترفيه : مواطن توقيع المنتدى :
تاريخ التسجيل : 02/06/2008
| موضوع: طرق البيان لطلاب الجنان < المبحث الرابع> جزء اول الأربعاء يوليو 02, 2008 12:21 am | |
| المبحث الرابع : أشهر شبهات أهل القبور، والرد الباهر عليها لقد ظن المشركون في قوله : «لا تجعلوا قبري عيدًا»،
أن المراد: اقصدوه في كل ساعة ووقت، ولا تجعلوه كالعيد الذي، يكون من الحول إلى الحول
قال الشيخ سليمان بن عبد الله في شرحه على كتاب التوحيد:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، ولا تجعلوا قبري عيدًا، وصلوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم» رواه أبو داود بإسناد حسن. رواته ثقات.قوله:
«ولا تجعلوا قبري عيدًا»،
قال شيخ الإسلام: العيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد، عائدًا إما بعود السنة أو بعود الأسبوع، أو الشهر، ونحو ذلك، وتقدم ذلك.وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: العبد ما يعتاد مجيئه وقصده من زمان ومكان، مأخوذ من المعاودة والاعتياد، فإن كان اسمًا للمكان فهو المكان الذي يقصد فيه الاجتماع وانتيابه للعبادة، أو لغيرها، كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة والمشاعر جعلها الله عيدًا للحنفاء ومثابة، كما جعل أيام العيد فيها عيدًا، وكان للمشركين أعياد زمانية ومكانية، فلما جاء الله بالإسلام أبطلها وعوَّض الحنفاء منها عيد الفطر وعيد النحر وأيام منى، كما عوَّضهم عن أعياد المشركين المكانية بالكعبة ومنى ومزدلفة وعرفة والمشاعر.وقال غيره: هذا أمر بملازمة قبره والعكوف عنده واعتياد قصده وانتيابه، ونهى أن يجعل كالعيد الذي إنما يكون في العام مرة أو مرتين، فكأنه قال: لا تجعلوه كالعيد الذي يكون من الحول إلى الحول، واقصدوه كل ساعة وكل وقت.قال ابن القيم رحمه الله: وهذا مراغمة ومحادَّة ومناقضة لما قصده الرسول وقلب للحقائق، ونسبة الرسول إلى التلبيس والتدليس بعد التناقض، فقاتل الله أهل الباطل أن يؤفكون.ولا ريب أن من أمر الناس باعتياد أمر وملازمته وكثرة انتيابه بقوله: لا تجعلوا عيدًا، فهو إلى التلبيس وضد البيان أقرب منه إلى الدلالة والبيان، وهكذا غيرت أديان الرسل، ولولا أن الله أقام لدينه الأنصار والأعوان الذابِّين عنه، لجرى عليه ما جرى على الأديان قبله، ولو أراد رسول الله ما قاله هؤلاء الضلاَّل لم ينه عن اتخاذ قبور الأنبياء مساجد، ويلعن فاعل ذلك، فإنه إذا لعن من اتخذها مساجد يعبد الله فيها، فكيف يأمر بملازمتها والعكوف عندها، وأن يعتاد قصدها وانتيابها، ولا تجعل كالعيد الذي يجيء من الحول إلى الحول؟ وكيف يسأل ربه أن لا يجعل قبره وثنًا يُعبد؟ وكيف يقول أعلم الخلق بذلك؟ «ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن خشي أن يتخذ مسجدًا»، وكيف يقول: «لا تجعلوا قبري عيدًا، وصلوا عليّ حيثما كنتم؟».وكيف لا يفهم أصحابه وأهل بيته من ذلك، ما فهمه هؤلاء الضلال، الذين جمعوا بين الشرك والتحريف؟! وهذا أفضل التابعين من أهل بيته علي بن الحسين رضي الله عنهما، نهى ذلك الرجل أن يتحرَّى الدعاء عند قبره ، واستدل بالحديث وهو الذي رواه وسمعه من أبيه الحسين عن جده علي رضي الله عنهما، وهو أعلم بمعناه من هؤلاء الضلال، وكذلك ابن عمه الحسن بن الحسن شيخ أهل بيته، كره أن يقصد الرجل القبر إذا لم يكن يريد المسجد، ورأى أن ذلك من اتخاذه عيدًا. انتهى...
.قال شيخ الإسلام: ما علمت أحدًا، أي: من علماء السلف رخَّص فيه، - أي: قصد الرجل القبر لأجل السلام - لأن ذلك نوع من اتخاذه عيدًا، ويدل أيضًا على أن قصد القبر للسلام إذا دخل المسجد ليصلي منهي عنه، لأن ذلك من اتخاذه عيدًا، وكره مالك لأهل المدينة كلما دخل إنسان المسجد أن يأتي قبر النبي r، لأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك. قال: ولن يصلح آخر هذه الأمة إلاَّ ما أصلح أولها، بل كان الصحابة والتابعون يأتون إلى مسجده فيصلون خلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، ثم إذا قضوا الصلاة قعدوا، أو خرجوا، ولم يكونوا يأتون القبر للسلام، لعلمهم أن الصلاة والسلام عليه في الصلاة أكمل وأفضل....والمقصود أن الصحابة ما كانوا يعتادون الصلاة والسَّلام عليه عند قبره، كما يفعله من بعدهم من الخلوف، وإنما كان بعضهم يأتي من خارج فيسلم عليه، إذا قدم من سفر، كما كان ابن عمر t يفعل.قال عبيد الله بن عمر عن نافع: كان ابن عمر إذا قدم من سفر أتى قبر النبي
فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه، ثم ينصرف.قال عبيد الله: ما نعلم أحدًا من أصحاب النبي r فعل ذلك إلاَّ ابن عمر. وهذا يدل على أنه لا يقف عند القبر للدعاء إذا سلم كما يفعله كثير. قال شيخ الإسلام: إن ذلك لم ينقل عن أحد من الصحابة، فكان بدعة محضة([1]).
وفي «المبسوط»
قال مالك: لا أرى أن يقف عند قبر النبي ولكن ليسلم ويمضي.والحكاية التي رواها القاضي عياض بإسناده عن مالك في قصته مع المنصور، وأنه قال لمالك: يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو، أم أستقبل رسول الله
فقال: ولم تصرف وجهك عنه، وهو وسيلتك، ووسيلة أبيك آدم إلى الله يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به يشفعه الله فيك. فهذه الرواية ضعيفة، أو موضوعة لأن في إسنادها من يتهم محمد بن حميد، ومن يجهل حاله.ونص أحمد أنه يستقبل القبلة، ويجعل الحجرة عن يساره، لئلا يستدبره وذلك بعد تحيته والسلام عليه، فظاهر هذا أنه يقف للدعاء بعد السلام. وذكر أصحاب مالك أنه يدعو مستقبلاً القبلة يوليه ظهره.وبالجملة فقد اتفق الأئمة على أنه إذا دعا لا يستقبل القبر، وتنازعوا هل يستقبله عند السلام أم لا؟ ومن الحجة في ذلك ما روى ابن زبالة وهو في «أخبار المدينة» عن عمر بن هارون، عن سلمة بن وردان -وهما ساقطان- قال: رأيت أنس بن مالك يسلم على النبي ثم يسند ظهره إلى جدار القبر، ثم يدعو | |
|